Articles

Affichage des articles du août, 2018

أحوَالُهُنَّ فِي الحُبّ -2-

Image
هي ما عرفت الهوى و لا عُرِّفته ، و لا ذاقت من مُدام الحبِّ رشفة تهوي بها في غيابات الهيام و  الشوق الممتدِّ أبدا، تزوم كُلَّما نُبِّئت بحديثه ،ترغي كما الزَّبد كلَّما جمعها المجلس بإحداهن و همست لها بأقاصيصه، تُعرض، و تنأى جانبا عنه ترى فيه وحشا ضاريا ،تزأر و تعربد و في قلبها لم يكن إلَّا مواء قطَّة تخشى الأسد هكذا كانت مذ عرفتها من زمن بعيد، ترى الحبَّ قبضة لا مخرج منها و هي المتحرِّرة _زعمت_ لن تُسلم قلبها أبدا، و كان أغلظ الحديث لديها حديثه تراها ما إن تتهامس الفتيات في حديثهن منتفضة لا تلوي على شيء بعدُ، و الفتيات يرمقنها و في قلبهن حديث الاستغراب و الدَّهشة، ينبزنها همسًا بجلافة في الطَّبع و قلَّة أنوثة و يرون فيها امرأة لم تُخلق كغيرها من عطر الورد و لا من مسك الأيل  و نسمة الفجر و لكنَّها خلقت من طين لازب!  صديقتي يا سادة؛ نديَّة كالزَّهر، ناعمة الملمس هيفاء القد، عينان كالمها تخترقان غور القلب ما إن ترميك بهما، صديقتي ليست كما يقولون صلبة الطَّبع كأجلاف الأعراب، و لا كما يهمسن سرَّا فاقدة أنوثة و لكنَّها كرشأ الغزلان متيقِّظة من وثبة الكواسر، مذ...

أحوَالُهُنَّ فِي الحُبّ -1- ‬‬

Image
‫‏‬                                                                             مازلت أذكرها للسَّاعة قادمة إليَّ من بعيد تمشي متلحِّفة إزارها الأسود في خفر؛  مُطرقة، ساهمة بعينين زائغتين و كأنَّما كانت تعرج  بهما إلى دنيا أحزانها التي ما تنقضي، سارحة في سماوات مظلمة ظلاما دامسا حتَّى ما تكاد ترى فيها بارقة نور و كنت أرمقها من بعيد أقرأ على صفحة وجهها المشبع بنور الحب الممزوج بسهم الخيانة الذي أدمى قلبها حكاية ألمها و أنا؛ الصَّديقة الوفيَّة للحزن أكاد لا أخطؤه، أقرؤه على أوجه المارة و أشمُّ ريحه على بعد ميل بغريزة متيقِّظة أبدا، ولا زلت أمارس منذ عهد بعيد ما يسمِّيه والدي هذيان محموم قراءة أوجه النَّاس فأهمس في أذنه أنَّ فلانا القادم من بعيد الضَّحوك مِلأ شدقيه مترع بالحزن، لكنَّه يريد أن يقهره بابتسام و أن الآخر الذي على مقربة منَّا و الذي تكاد شفتيه تطاولان ...

جنون العظمة و الكتابة

Image
إنِّي لأحسب أنَّ الإنسان كلَّما رسخت قدمه في العلم ارتفع سمته عن سفاسف الأمور ، و هدأ طبعه عن الخوض في اللِّجاج و اللَّدد و الخصومة و نأى جانبا يرُوم الإستزادة من فضل الله عليه كيْمَا يبسُط يده على فرع من العلوم لم تكن يدُه قد طالته بعدُ، يضنُّ بوقته و بعقله إذ هما رأس مال المرء!، ثمَّ ذهب وقت و أتى وقت صار هذا الأخير بضاعة العاطلين عن العمل المتقبِّين زورا ثوب الثَّقافة و العلم، الجالسين على مائدته المتحلِّقين حوله هم البعيدون عنه بعد السماوات السَّبع عن الأراضين السَّبع  و أحسبُ أنَّ المرء كلَّما علا كعبه في الأدب و البليغ و الفصاحة و الحصافة تملَّكه الحياء حتَّى ما تكاد تُبينه، يعترِيه خِفر العذراء في خدرها كلَّما أُشِير إليه فيُقال كاتب، و وجدتَه محاولا جَهدَه أن لا يُنسب إليه شيئ من هذا؛ يتخفَّف من حِملٍ ثقيل ليس هو ببالغ شأوه، لا عن قصور في زمنٍ خفَّت فيه البضاعة فهي مزجاة، و كسدت فيه الأساليب البيانية فهي مستهلكةٌ لا جديد فيها، و لكن لأنَّه يعلم حقَّ العلم ما فعل الأوَّل و ما حبَّر فهو يرى الهُوَّة السَّحيقة آخذةً في الإتِّساع يستحي أن يُشارك لقبا خُصَّ به أجداده ا...