رسائل إليها _كأنَّها مقدِّمة





~كأنَّها مقدِّمة~

 وبعدُ ؛ فهذه رسائل الصًّبح إذا تنفَّس و اللَّيل إذا عسعس جمعتُها ذات زمن قلبي، أودعتها مكانا قصيَّا منه إلى أجل... ركنت فيها ما علَّمتنيه عاديَّات الليالي والأيَّام وكرُّ الزمان وفرُّهُ و تعاقبُ الليل الأليل و النهار الأسيف... كتبتها ذات خريفٍ أحبُّه لوجه المشابهة العجيب بين خُيلائه المرتسم في وجه طبيعة كئيب وشيء أجده في غور شخصي الذي حجبته اللُّجب ذات عمرٍ خديج ... صُقلت بماء التجربة الزلال ورُويت بتأمُّل الفُطَّن المُستيقظين أبدًا بهدر الزمان .... جمَعتُ فيها شتات هذا القلب المُسَّربل بالألم وأودعتها جُنح الكلام ... لكِ أنت، وما أدراك ما أنت ... حبَّة الفؤاد و حِبُّه و ريحانة الأماني اللَّائحات في زمن قاظت فيه المشاعر و غاضت أُودعها اليوم أغوار الطُّرس عساها تصل ذات مساء باسم غور قلب فتيٍّ كخاصَّتك تتلَّقين فيها تجربة أمٍّ رؤوم، بعد أن انفض كلُّ ما لديها عقدت العزم أن تُبِين مسيرة طريق لاحب لخنسائها حتَّى تُقيل عنها عِثارا عُثرته و تكشف لها سرًّا كان مخبوءا في صحائف الزَّمن فكشفته، و لِثاما تقَّبته الحوادث المدلهمَّات فأماطته، ولتدفع عنها بنيَّات الطريق فإنَّما هو واحد لا يتعدد وكل ما تعدد عنه ففي النَّار، أرادتها أن تستنقذها من تجارب كادتها الويل والثبور  وتودعها حكمة كانت مستترة في أُفق الغيب فأبانتها وما خفي عند الله أعظم إنَّه هو الحكيم العليم... هكذا أرادت لها، أن تتختصر عنها الطَّريق و تفتح لها باب تجارب أُخر، هي التي آمنت أن حياة واحدة لا تكفي، أرادت لها أن تعيش أكثر من واحدة  ولأن إعادة تجارب سابقات أمر مضن وليس ذا عظيم شأن، حاكت لها هذه القصاصات من وحي فكرة التأمُّل ومن وقف على رسم دارس و تأمل أوشك أن لا يُعيد ما أفضى لدُروسه... ستأتيكِ مبسوطة في غرَّة الفجر أو جُنح الظلام، وقتان لطالما كانت سريرة أمك أصفى ما تكون بحزنها الهادئ الذي يحاول أن يستشف شيئا من فلسفة الحياة ويفضَّ عنها معانيها البكر التي لا يُؤتاها إلا ذا حظٍّ من العلم عظيم، تودعها اليوم قلبك لتودعيها قلب أختك النُّضار من بعدك لتكونا كما رسمتكما ذات حُلم على الدرب سائرات لا تَحدْن عنه قدر أنمله... هي رسائل عجوز شاب في درب العشرينيَّات، كانت تسير متعجِّلة تارة وعلى تؤدة تارة أخرى؛ فيها من نزق الشباب و طيشه ومن حكمة الهرم ووقاره ما يسرُّ ويعلِّم وما يكدِّر ويؤلم ، خذيها كما أرادتها هي غضَّة طريَّة تسقين بها ماء شبابك كيما يزهر ولا ينضب... تستودعها قلبك، تستودعها قلبك ... وإنَّها لقلبكِ لمنَ الحافظين المُستأمِنين... الأحد لسبعة عشر يوما من شهر الله المحرَّم قد خلت سنة تسع و ثلاثين بعد المئة الرابعة بعد الألف من هجرة المصطفى صلوات ربِّي و سلامه عليه غرَّة فجر جميل 
أمُّ_النُّضار و تُماضر

Commentaires

Enregistrer un commentaire

Posts les plus consultés de ce blog

الساوشل ميديا إلى أين؟

جنون العظمة و الكتابة

الأسرة الملتزمة ...وحُمَّى الإجهاض(2)