الأسرة الملتزمة ...وحُمَّى الإجهاض(2)
1.التعدُّد....و الحِمى المستباح، جاموث
الأسر و كابوس ربات البيوت الملتزمة
في عالم مواز تتبنى الدعوات الإسلامية التي
ينخرها الداء العياء والتمييع والشطحات أهدافا سامقة في حين يفرغ رب الأسرة
الملتزمة همَّه في موضوع كموضوع التعدد كأنه لب الدين وركيزته؛ لست هنا لمناقشة
هذه الجدلية ولا الدخول في تفاصيلها و
تفاريع شأنها ولكن موضوعا كسابق الذكر وبعيدا عن الأحكام الشرعية التي لأولي
النهى القول الفصل فيها فإن هذا الموضوع قد هدَّ عددا لانهائيا من أسر فتية وتحت
الفهم الأعرج للدين الذي نبأتكم خبره بدايةً، وارتداء عباءة الأنانية والشخصنة
في علاقة اشتراكية بامتياز تقف المرأة بعد أول تجربة حمل في اختبار عويص يشد
أعصابها وتحت جلباب الدين مرة أخرى يخرج لنا رهط من أرباب الأسر وأغنية
الاستعفاف السمجة المكررة لا تزال تدور في
محاولة منهم لإثبات أهمية التعدد لقصور المرأة عن احتمال أعباء التربية والتزين و
التبعل وهلم جرا من أسباب سخيفة سخافة أربابها !! ألف علامة تعجب
لو استطعت.
وتبقى
المرأة كمخلوق ضعيف تتخبطه تضاربات هرمونية لا نهائية بين جدليتي الاعتناء
بالمخلوق الصغير وربما بالمخلوقات وجدلية التزين والغنج وحسن التبعل لأن
المجتمع بكل أجنداته لن يسمح لها بالمزاوجة بين الاثنان، فهذا المجتمع عينه يختزل
العملية التربوية على المراة كأنها العمة SUPERWOMAN التي تستطيع
بقدراتها الخارقة أن تحمل الأرض ومن عليها على أكتافها ولا أدري لم عُقِد هذا
العقد على مبدأ الشراكة ألحتمال أعباء الزوجية مناصفة أم أن السيد الرجل سيقف على
أريكته من بعيد ليقطف حلو الحياة في حين تستمتع المرأة بتحمل عذابات الحياة لتُدر
العسل سائغا للشاربين، مجددا أنا لا أطلب من الرجل أن يجلس حِلْس البيت متخففا من
أعباء النفقة ولكن أعباء النفقة التي سُطِّرت عليه ابتداء يٌقابلها أعباء بيتية
ملقاة على عاتق المرأة ، فكيف نصل نهاية إلى إسقاط قسط الرجل من الجانب التربوي
التعليمي للأبناء بهذه السهولة وبأيِّ شرعة يحكم ملتزمو اليوم على سهولة التعدد وضرورته (كمان) إن كان على حساب تنشئة رعاياياهم أو فلنقل ضحاياهم، أعرف ألوف الأسر
التي ينفخ الرجل فيها عقيرته بأهزوجة التعدد في حين لا يجد وقتا لأفراد قبيلته من
بنات وبنين استأمنهم الله عليه " يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض "
تحت وقع هذا الواقع يمكنني القول بلا مواربة أن ارتداء جلباب التعدد ليس تدينا قط
وإنما هو تجارة بالدين، محاولة ما للحصول على حظوظ النفس وتطويقها بطابع شرعي وإن هذا الأمر لقميئ، ومجددا أنا لا أعفي المرأة من واجباتها الزوجية التي تلزمها
بتحقيق استعفاف زوجها ولكنني أرى أن هذا لا يتسنى لها إذا تخفف الأب من أعباء
رعاياه تاركا الجمل بما حمل على مخلوق ضعيف كالمرأة. وأيضا إذا كان رجلا لا يكفيه
إلا أن تكون هذه المرأة أمته متفرغة فقط لحظوظ
نفسه إذن فلم الإنجاب قل لي بربك وعدنا مجددا للأغنية نفسها "الأنانية"...
2.الإختلاط
مزلق الخطر....والجهل داء وبال...لكن هل حقا يسبب هذا ذاك!
...في مدرسة قرآنية كنت أرتادها تهرع الأسر
الملتزمة لحشد صغارها هروبا من شبح اختلاط المدارس الحكومية وبطريقة مؤلمة يتجلى لاوعي ألوف من هذه الأسر
والذي يتَّزر بعباءة الدين مجددا متكئين على ترسانة من الحجج الشرعية الواهية، وأنا كما العادة لست بصدد مناقشة أمر ديني أو شرعي له أهله واختصاصه ولكنني
بالعكس سأطرح جملة اشكالات تضعنا حتَّى تحت ظل تلك الأحكام الشرعية التي تتبناها
هذه الأسر نلمس تقصيرا لا متناهيا، فالهروب من ردغة الاختلاط لا يعني بحال تطويق
فلذات كبدنا في عصر الرقمنة والتكنلوجيا بطوق من الجهل، وأخذ نصيب من التعليم
الديني لا يمنعنا بحال من الأحوال من أخذ نصيبنا من التعليم الكوني أو الدنيوي بل
في وقتنا الراهن أرى هذا من الضرورة بمكان، وكون المعني بالأمر فتاة لا يعني بحال
أن نحرمها من معرفة ما صار في يومنا الحالي أمرا معرفته من آكد الضروريات(3) و أمس
الحاجات ففتيات اليوم أمهات جيل قادم أصدق ما قيل فيه قول حافظ الذي ذكرناه آنفا. وإن يكن على طرف النقيض جمع غفير قد أهمل ما لا يجوز جهله من الدين بالضرورة مكبا
على علوم العصر ناسيا نصيبه من دينه وآخرته فعلى الطرف الآخر فئة اتخذت من الدين
ذريعة لها حالت دون خِطبتها معالي الأمور والعجب الذي لا عجب بعده أنني بعدما
تقربت من أولئك الفتيات الصغيرات اللائي زُج بهن في مدرسة بتلك القداسة على عكس
خلاتهن اللائي يتلقَّيْن تعليما عاديا لا
يملكن أدنى وعي بشرف العلم الذي يطلبن وكثيرا ما خبرت أمارات الإمتعاض على وجه مدرستي
وهي تجلس في جلسة العرض الخاصة بهن؛ والتي غالبا ما كانت تكشف عن حجم الهوة والجرف الهاري الذي بنيت عليه
العديد من هذه الأسر ، فالسواد الأعظم من الفتيات لا يحفظن وردهن وبالكاد يقرأن
القرآن من غير لحن جلي رغم أن سنهن قد تم تمامه ولو تتبعت سوء خطهن وسقطاتهن
الإملائية لوجدت ما تشيب له الولدان وهذا ينبؤك أن الهروب من الإختلاط قميص يخفي
جانب إهمال قميء لأن الإلتزام الحق هو تحمل المسؤولية بجميع فصولها من أجل إنشاء
جيل نصرة نعتدُّ به فإذا كانت الهوَّة بالحجم الذي نبأتك خبره وثق أنه أفظع عرفت
سقم الخطاب الديني الحاضر والذي ألبس المسميات ما لا تحتمله وأن خطر الألفاظ على
هذه الأمة لجسيم، ففي عصر المعلوماتية والانترنت أحسب أنه ما من حاجز يحول دون
تعليم الصغار وبذل جهد معهم يرفع عنهم الجهل ويلج بهم لرحاب العلم ، ما فائدة
الإلتزام إن لم يخرج لنا جيلا من الآباء والأمهات بوعي تام بضرورة المزاوجة بين
التعليم الديني والدنيوي والذي بالبعد عنه سقطت أمتنا في لهاوية إذا كان الإلتزام
هروبا من الاختلاط فهو لا يعني بحال التنصل من المسؤوليات والتي على رأسها رفع
الجهل ولكم هو ميسور اليوم لا يحتاج إلا حرص أرباب البيوت....ومن العجائب والعجائب جمة أن جل الطالبات اللائي استؤصلن من المدارس الحكومية في سن مبكرة وعلى
صغر سنهن فإنهن يمكلن هواتف ذكية مزودة بالشابكة حتى إذا رفعت الأستاذة الإِشعار
بالدرس انزوين تحلقن حول هواتفهن فاسمح لي أيها الأب الملتزم أنت أحضرت الإختلاط
لبيتك وعلى طبق من ذهب ففي سن مبكرة كتلك يُفصل فيها الفتى عن غرفة الدرس ليوصل
بغرفة الشات من غير رقابة جهل مركب أعيذك بالله منه...
3.أنا لا أضيع وقت ابني في تعلم لغة الآخر
العربية أهم بكثير!
...أنا لا أحب العقليات التي تلغي إمكانيات
المزاوجة التي تؤمن بأنه إذا كان أمر ما قائما فإن غيره لا يمكن أن يقوم له
قوام، مثل هذه الأمور تصيبني بصعقات كهربائية و قبل أن أبدأ يجب التأكيد أنني
فخورة بيعربيَّتي ولا أقدم عليها لغة في الكون قاطبة، عندما عدت من رحلتي لبلاد
الحجاز لأداء فريضة العمرة زارتني أسرة ملتزمة وفي خضمِّ الحديث الذي دار بيننا (وهو حديث ناقشته مع أخوات كثر وامتعضت
للنتائج التي كنتُ كثيرا ما أخلص لها )تلقيت سؤالا ربما كانت إجابته ترافقني طيلة
رحلة العودة كان مفاده ما هو أكبر درس استفدته من هذه الرحلة وكان جوابي مفاجئا وغير اعتيادي لهم؛ كان أكبر درس خلصت له أن تعلم اللغات قد يكون من أنبل الأشياء وأنه
باب من أبواب الخير وأنه خير لا يُؤتاه إلا ذو حظ عظيم، قبل العمرة وزيارة
البقاع المقدسة كنت فتاة محبة للغات العالم وإن كنت لا أتقنها ومع توفر الحب والشغف كنت أغرق دائما في ضبابية وعبثية السؤال الأكبر الذي كان يزَّهدني في هذه
البابة ويُخبت همَّتي القسعاء كان شبح سؤال الهدف من وراء تعلم اللغات يقرعني،
بعد زيارة البقاع المقدسة بدى غبش تلك الضبابية يزول وبدأ الهدف يتكون وبدأت معالمه تُرسم، بدأت غائية الأمور تبرز في الأفق لأنك ستقف أن هذا الدين قد وطئ أصقاع
الأرض قاطبة وأنَّك إن ضيَّعت لغة أقوامه لم توفَّق في تبليغ الرسالة وستحس في
قلبك بحزَّاز من الوجد حامز وأنت تجلس قرب أخيك المسلم الذي يبتر صلاته بترا فلا
تستطيع تقويم اعوجاجه لأنه يخالفك اللغة وبالكاد يفهم إشاراتك وسترى أننا مقصرون
، مقصرون ورب الكعبة...هذا دون أن أعرج على أن صولجان العلم الحديث قد أُحكمت
ناصيته بلغة قوم ما وراء البحار لأن سببا كهذا كان ليسقط أمام عقم فهم النص الشرعي
لدى طائفة ونفر ممن لازالو كما نحن يعرجون في الوصول للب الخطاب ....... ثم إني لن
أنبؤكم عن كمية الدهشة والتقريع والاستهجان
الذي تلقيته من تلك العائلة وضرورة أن
يكون الدرس المُستخلص إيمانيا خالصا فهذا من فضول القول الذي سأتجنبه كما تجنبت تقريعهم لي على ضرورة تعلم لغات أخرى لأنها من وجهة نظرهم رطانة ومن رطن رطانة أعجمية تخلَّق بخلقهم...
4.العقيدة قول و عمل...
بنظرة إلى مختلف العقليات المجتمعية والطبقات نجد أننا مع فسيفساء تختلف فيها المضارب والتوجهات والأهداف وأمام كل هذه
الخلائط البشرية وفي حين يقضي علينا روح العصر أن نحاول جهدنا الإستفادة من
غيرنا تقف العديد من العقليات الإلتزامية كلما ضرب لهم مثل بفئام المجتمع الأخرى وبصماتهم في الساحة العلمية والخيرية متشبثين بكلام حق يراد به باطل، ظاهره فيه
الرحمة وباطنه من قبله العذاب: "العقيدة هي الصح " وأنا أراهن أن جل
من يتلفظ بهذه الأهزوجه لا يفهم معناها بل
من أمحل المحال أن يكون قد وعى قولا بهذه العظمة لأنه بذلك يقيم الحجة على نفسه ،
فكثير ممن يعيد هذه اللفظة في غير محفل لا يعني من العقيدة إلا معناها القولي و
هذا نفسه خطأ عقائدي خطير فالعقيدة بالمفهوم السلفي قول باللسان وتصديق بالجنان وعمل بالجوارح وكل قول لا يصدقه العمل فهو أجذم وبكل أسفي كما دائما نجد العديد
من الناس القاعدين عن العمل العاطلين عن المساهمة في أي رقي حضاري لأممهم يتشبثون
بهذه القالة كطوق نجاة سيكون أوَّل من يطوقهم إذ ينقلب السحر على الساحر فأي عقيدة قولية قلبية لا تثمر سعيا
حثيثا للمعالي التي عائدة النفع فيها على الأمة فهي بتراء ولن يكون هذا إلا
بمزاوجة بين الدين والعلم الذي يتعدى أثرهما ذات المرء إلى محيطه وتَبِين بصمته في حياة نحياها فالعقيدة قول وعمل ومن ثبطَّه الله عن هذا الخير فيا تُعسه.
____________
(3)
يُدهشني الكم المعرفي لعدد من الأسر الملتزمة بأحكام أحيانا يتورع عن الخوض
فيها أكابر أهل العلم إذ هي من فضول المعرفة، بنفس الكمية من الدهشة التي تنتابني إثر لمسي للجهل المتفشي في تلك الأواسط بذلك الجمال المبثوث في
كتب التراجم " كان فلان علامة فقيها لغويا فلكيا رياضيا" وكانت هي
" فقيهة محدثة حافظة شاعرة وأحيانا ممن تعلم نساء الحي جملة من علوم تلك
الحواضر كالرياضيات وهلم جرا" -على بساطة العلوم الكونية ساعتئذ- فانظر البون
وقارن ويا ويح حال أمتنا الراهن وأتذكر أن الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله درسته نساء أخواله فيما أذكر فالنساء إلى عهد قريب كن منارات تربية وعلم ومن رام عن هذه الطريق محادا خاب وخسر وأفل نجمه اللهم لا تجعلنا من الخاسرين
وكتبته أم النُّضار وتُماضر نورالهدى

Commentaires
Enregistrer un commentaire